اطلب الخدمة
دور الميكروبات النافعة في تحسين صحة الجهاز الهضمي
بقلم ا. حوراء الربيعي
يشكل الجهاز الهضمي أحد أكثر الأنظمة الحيوية تعقيدًا في جسم الإنسان، إذ لا يقتصر دوره على هضم الطعام وامتصاص المغذيات، بل يتعداه ليكون موطنًا لمجموعة ضخمة ومتنوعة من الكائنات الحية الدقيقة، تُعرف مجتمعة بـ"الميكروبيوم المعوي". ومن بين هذه الكائنات، تلعب الميكروبات النافعة دورًا محوريًا في دعم الصحة العامة، وبشكل خاص في تعزيز وظيفة الجهاز الهضمي.
الميكروبات النافعة هي بكتيريا وكائنات دقيقة أخرى تعيش بشكل طبيعي في الأمعاء، وتكوّن علاقة تكافلية مع الجسم البشري. من أبرز وظائفها المساعدة في هضم المواد الغذائية المعقدة، مثل الألياف النباتية، التي تعجز الإنزيمات البشرية عن تحليلها بمفردها. وعبر هذه العملية، تنتج الميكروبات أحماضًا دهنية قصيرة السلسلة، تسهم في تغذية خلايا القولون وتقوية جدار الأمعاء (Flint et al., 2012).
علاوة على ذلك، تقوم هذه الميكروبات بدور دفاعي فعّال؛ فهي تعمل على منع نمو البكتيريا الضارة من خلال التنافس على الغذاء والمكان، كما تفرز مواد مثبطة تمنع تكاثر الميكروبات الممرضة. هذا التوازن الدقيق بين البكتيريا النافعة والضارة يعد ضروريًا للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي (Round & Mazmanian, 2009).
تلعب الميكروبات النافعة أيضًا دورًا في تنظيم الاستجابة المناعية. فالجهاز المناعي المعوي يتعلم من خلال تفاعله المستمر مع هذه الكائنات كيفية التمييز بين العوامل الضارة وغير الضارة، مما يقلل من احتمالية الإصابة بالتهابات مزمنة أو أمراض مناعية ذاتية (Belkaid & Hand, 2014).
من ناحية أخرى، أثبتت الأبحاث أن اختلال توازن الميكروبيوم، سواء بسبب النظام الغذائي غير الصحي أو استخدام المضادات الحيوية بشكل مفرط، قد يؤدي إلى اضطرابات هضمية مثل القولون العصبي، أو حتى أمراض التهابية مثل داء كرون والتهاب القولون التقرحي (Lozupone et al., 2012).
يمكن تعزيز وجود الميكروبات النافعة من خلال تناول الأطعمة المخمرة مثل اللبن الزبادي، والكيمتشي، ومخلل الملفوف، وكذلك الأطعمة الغنية بالألياف التي تعتبر غذاءً مفضلاً لها. كما تُستخدم المكملات الغذائية التي تحتوي على البروبيوتيك (Probiotics) كوسيلة لدعم هذه الميكروبات، خاصة بعد استخدام المضادات الحيوية.
في الختام، تشكل الميكروبات النافعة عنصرًا حيويًا لا غنى عنه لصحة الجهاز الهضمي. إن فهمنا المتزايد لدورها يفتح آفاقًا واسعة في الطب الوقائي والعلاجي، مما يجعل من الضروري الاعتناء بنمط الحياة والتغذية من أجل الحفاظ على توازن هذا العالم المجهري الهام.

المراجع
-
Belkaid, Y., & Hand, T. W. (2014). Role of the microbiota in immunity and inflammation. *Cell*, 157(1), 121-141.
-
Flint, H. J., Scott, K. P., Duncan, S. H., Louis, P., & Forano, E. (2012). Microbial degradation of complex carbohydrates in the gut. *Gut Microbes*, 3(4), 289–306.
-
Lozupone, C. A., Stombaugh, J. I., Gordon, J. I., Jansson, J. K., & Knight, R. (2012). Diversity, stability and resilience of the human gut microbiota. *Nature*, 489(7415), 220–230.
-
Round, J. L., & Mazmanian, S. K. (2009). The gut microbiota shapes intestinal immune responses during health and disease. *Nature Reviews Immunology*, 9(5), 313–323.
لطلب المساعدة في إعداد رسالة الماجستير أو الدكتوراة يرجى التواصل مباشرة مع خدمة العملاء عبر الواتساب أو ارسال طلبك عبر الموقع حيث سيتم تصنيفه والرد عليه في أسرع وقت ممكن.
مع تحيات: المنارة للاستشارات لمساعدة الباحثين وطلبة الدراسات العليا - أنموذج البحث العلمي